المُعجِزة :
اقترن ذِكر الأنبياء عادةً مع بعض الأمور الخارقة للعادات والطبائع التي جرى العُرف على مثلها، وإنّما جاء تأييد الأنبياء والرُّسل بمثل تلك المُعجِزات من باب زيادة تصديق الناس لهم، واعتقادهم اليقينيّ بأنّهم مُرسَلون من الله -سبحانه وتعالى- خاصةً لمن آمن بهم من الناس، ولتكون حُجّةً على من لم يُصدّق ببعثهم من قبل الله، وغالباً ما تكون تلك المُعجِزات فيما اشتُهِر فيه قوم ذلك النبيّ، بحيث تكون مُعجِزة النبيّ أو الرسول خرقاً لما اعتاده قومٌ معيّنون مع بروزهم في ذلك المجال وخبرتهم فيه، ومثال ذلك مُعجِزة خاتم الأنبياء والمُرسَلين سيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- التي هي القرآن الكريم، حيث كان أهل قريش يبرعون في البلاغة والفصاحة وإتقان اللغة، فكانت مُعجِزة النبيّ لهم كتاباً شديد الفصاحة والبلاغة على لسان أميٍّ منهم، ومع بلاغتهم وفصاحتهم إلا أنّهم عجزوا عن الإتيان بجزء من مثله، فما هي أهمُّ المُعجِزات التي أيَّد الله بها أنبياءه ورُسله؟
معنى المُعجِزة
المُعجزة لُغةً :
المُعجِزة لُغةً مأخوذةٌ من العَجْز؛ وهو يعني التأخّر عن الشيء، والعَجْز ضدُّ القدرة، وعَجَزَت المرأة تعجِز عُجُوزاً إذا كَبُر سِنُّها، وعَجَز فلان عن فعل شيءٍ يعجز عَجْزاً وعَجَزاناً؛ أي أنّه ضعُف ولم يقدر على فعله، وقد سُمِّيت العجوز بذلك لعجزها وضعفها، وعدم قدرتها على فعل الكثير من الأفعال التي كانت تقوم بها في السابق، والعجز يدلُّ على معنيَين رئيسَين، هما: الضّعف، ومؤخّر الشيء أو آخره، والأمر المُعجِز: هو الذي يعجز البشر عن الإتيان بمثله، ومنه المُعجِزة، أمّا التاء في لفظ مُعجِزة فليست تأنيثاً لها، إنّما هي من باب المُبالغة في الإعجاز.
المُعجزة اصطلاحاً :
يمكن تعريف المُعجِزة في الاصطلاح بأنّها (أمر خارق للعادة، يظهره الله على يد مُدّعي النبوّة؛ تصديقاً له في دعواه، مقرونة بالتحدّي مع عدم المعارضة)، وتتميّز المُعجِزة عن باقي الأمور الخارقة بأنّها يجب أن تكون خارقةً للعادات، والقوانين الكونيّة الثابتة المُتعارف عليها بين الناس عموماً، ومن ذلك ما جاء على أيدي أنبياء الله عليهم السّلام، ومنها مثلاً عدم إحراق النار مع أنّها في العادة تحرق ما يصيبها، وإحياء الموتى الذين في العادة لا يحيون بعد الموت، وتحويل العصا إلى حيّة تتحرك، مع أنّ الجمادات والعصيّ في العادة لا تتحرّك .
مُعجِزات الأنبياء والرُّسل :
لكلّ نبيٍّ من أنبياء الله أو رسولٍ من رُسُله مُعجزة على الأقلّ يتميز بها، وقد جاء ذكر بعض مُعجِزات الأنبياء في كتاب الله، بينما ذكر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بعضها الآخر في أقواله التي صحّت نسبتها إليه، أمّا باقي مُعجِزات الأنبياء التي لم يأتِ لها ذكرٌ في كتاب الله وسنة رسوله، فقد نُقِلت إلينا عن أنبياء الله بالتناقل والرواية حتى بلغت حدّ الشهرة .